تقرير: غالبية المسلمين الفرنسيين لا ينتمون إلى الأفكار الأصولية

السوسنة  - يسعى الباحث الفرنسى، ذو الأصول التونسية، حكيم القروى، إلى تدشين منظمة جديدة للإسلام في فرنسا وأوروبا، يقول إنها تعتمد مبدأ استحضار العقل ونبذ التطرف.

ونشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية تقريرًا عن تفاصيل تدشين تلك المنظمة، جاء فيه أن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بحث مع القروى مقترحاته، لكنها لم تكشف عما إذا كان الرئيس قد أخذ بها، أو تحفظ عليها.
 
وكان القروى تحدث عن حالة تخوف تجاه الإسلاميين فى سبتمبر قبل عامين، فى تقرير أصدره معهد مونتانى، وأكد أن 28٪ من الفرنسيين المسلمين يتوجهون نحو إسلام إثبات الذات، والذى وصف بالإسلام الانفصالى والأصولى، ولا يمت بصلة للقيم السياسية السائدة. 
 
وحسب القروى فإن غالبية المسلمين الفرنسيين لا ينتمون إلى الأفكار الأصولية، ولكن المعهد قال فى استطلاع له إن ما بين 15 و25 من المسلمين الفرنسيين يميلون نوعًا ما إلى الأصولية.
 
وفى هذا التقرير الجديد، يرصد القروى من مصر إلى تركيا، ومن المملكة العربية السعودية إلى إيران، جذور المفكرين وطرق نشر أفكارهم بشأن الأيديولوجية الدينية «الإسلاموية» التى تحظى اليوم بوسائط وإقبال متزايد.
ويقول إن «مشروع الوهابية يستهدف تقنين العلاقات بين الرجال والنساء، ووضع القواعد الغذائية، والمعايير الاقتصادية والعلاقة مع الآخر». 
 
وبالنسبة للسكان الذين يتساءلون حول هويتهم أو يشعرون بالإقصاء، فإن هذه الأيديولوجيا «تقترح حلا وحيدا: الهوية المسلمة».
 
فى فرنسا، يرصد التقرير مراحل توغل الإخوان تحت ستار اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا، التى شهدت تناميًا فى بداية سنوات 2000، لكنها بدأت تتراجع فى الآونة الأخيرة تراجعًا سريعًا، أمام منافسة التيارات السلفية، التى تعرقل تقدمها. 
 
ويتميز السلفيون بأنهم لا ينضون تحت منظمات تحركهم وتتحكم فيهم، لكنهم حسب ما كتب القروى «حققوا انتشارا سريعا منذ عشرات السنين، وتضاعف عدد المساجد والأتباع ثلاث مرات، سواء فى فرنسا أو فى ألمانيا وحتى فى المملكة المتحدة». 
 
وانغرست السلفية فى حياة قطاع كبير من المسلمين، واستفادت من الإنترنت جدًا، وأصبح شيوخها عبره متصلين بأتباعهم اتصالا وثيقًا، إلى درجة أن الأسئلة التى تطرح عليهم يوميًا، تتطرق إلى أدق تفاصيل الحياة اليومية، وتشمل قضايا العلاقات العائلية والأزواج والزى والنمط الغذائى.
 
ويشرح حكيم القروى أنه من خلال تقنين جميع أعمال الحياة اليومية يقوم السلفيون «بإرساء إيقاع ورموز تجمع بقوة المجتمع». ويضيف أنه «فى غضون بضع سنوات، خلقت هذه المعايير نمط حياة جديدا أصبح طائفيا ومطلقا أكثر فأكثر».
 
وفى حين يركز السلفيون على «سلوكيات المسلم»، وفق تصوراتهم، يهتم الإخوان بالمسألة السياسية ودمج الدين فى الفضاء العام.
 
وتحاول الوجوه التى يطلق عليها بـ«المعتدلة» و«المستنيرة» إيجاد مكان لها بصعوبة. 
 
والدليل على ذلك، يقع حساب محمد باجرافيل صاحب خطاب البديل والطلائعية على موقع «فيسبوك» فى المرتبة 112 بمعدل 30 ألف معجب من ضمن 253 صفحة من أهم الصفحات ذات الخطاب الإسلامى على مواقع التواصل.
 
وفى الإجمال، يمثل الإقبال العام على المحتويات الأصولية على «الويب المسلم الفرانكوفونى»، حسب التقرير دائمًا، نحو 1.2 مليون حساب، أى ما يعادل 30 ٪ من المسلمين من المتابعين، والمكونين أساسًا من الشباب. 
وهو ما يجعل «الويب» أبرز قناة اليوم لنشر هذه الأيديولوجية التى أصبحت «معولمة»، وأول وسيط لتجنيد الأتباع قبل المساجد.
 
ويؤكد هذا الرقم ذلك الذى أحدث جدلا فى 2016 ، حيث شملت هذه النسبة، فى دراسة حول المسلمين فى فرنسا، عدد الأتباع «المستبدين» بمعنى «الذين تبنوا منظومة قيم تتنافى وقيم الجمهورية» والذين يفرضون أنفسهم أكثر من خلال الطريقة التى يستغلون بها الإسلام للتعبير عن تمردهم أكثر من تقيدهم بوجهة نظر محافظة. 
 
ويقول حكيم القروى: «كنت أعتقد أن الموضوع لا يتعدى نسبة 10 ٪، لكنى وقعت من على كرسيى، هذا لا يعنى أن نسبة 28 ٪ تمثل فى مجملها الجهاديين، أو المتطرفين أو الإسلاميين». 
ويحرص المؤلف على الإشارة إلى أنه حتى لو كانوا فى حراك وتطور، يبقى الإسلاميون أقلية بين مسلمى فرنسا.