ماذا تعرف عن الصيدلة التي كانت عند المسلمين ؟

السوسنة - كانت المعرفة في مجال الصيدلة من أقدم العلوم التي تعود إلى الثلث الأول من القرن الثاني عشر، وثمة دور كبير للمسلمين في تطوير هذا العلم، والذي نشأ أول ما نشأ من وكالات العطارين المختلفة، حتى ظهر العلماء في عصور النهضة الإسلامية والتي تزامنت مع انتكاسة أوروبا في العصور الوسطى ، فقاموا بالدراسات والتجارب العلمية، وتوصلوا إلى الاكتشافات الموجودة الآن.

 
لا توجد مبالغة إن نُسِبَت أعظم الإنجازات في الصيدلة إلى المسلمين، فأساس الدواء كان الكيمياء، وقد تطورت الكيمياء على يد جابر بن حيان والذي له إسهامات كبيرة في هذا المجال، فهو أول من حضّر حامض الكبريتيك، وحامض النيتريك، وكربونات الصودا، وكربونات البوتاسيوم، وماء الذهب، وأصبح لهذه الكيماويات أهمية عظمى في العصور الحديثة، بل تكاد تكون من أسس حضارة القرن التاسع عشر والعشرين في الكيمياء، والصيدلة، والزراعة، والصناعة.
 
ويذكر المؤرخ أبو الوفاء عبدالآخر، أن جابر بن حيان كان أول عالم كيميائي استعمل الموازين الحساسة في التجارب الكيميائية، وقد اخترع طرقاً أفادت الكثيرين في تحضير العقاقير.
 
تطورت الصيدلة مع أبي بكر الرازي، والذي جاء عقب جيل جابر بن حيان، وبرع الرازي في الصيدلة من خلال كتابه "المنصوري"، والتي تُرِجم على يد الإيطالي جيراردو الكريموني، وظل هذا الكتاب يتم تدريسه في أوروبا حتى القرن السادس، مثل كتابه الحاوي والذي كان أحد الكتب التسعة التي تقوم عليها كلية الطب في جامعة باريس.
 
وبالرجوع لكتاب المؤرخ أبو الوفاء عن تطور الصيدلة على يد المسلمين، يتكشف إن الأدوية نفسها خضعت لدراسات مستفيضة على أيدي علماء الأمة الإسلامية في عصور النهضة الإسلامية، وكان من أبرز العاملين في هذا الميدان الشهير ابن سينا.
 
لاقت كتب بن سينا في الصيدلة تقديراً من القرن الثاني عشر حتى أوائل القرن الثامن عشر
ولو أنصف المؤرخون لقالوا "بأن النهضة الحديثة بدأت منذ النهضة الإسلامية واستمرت في تطور متصل بحيث يجب اعتبار النهضة الإسلامية والنهضة الأوربية جزءين متصلين للنهضة الحديثة المستمرة حتى يومنا هذا".
 
المفارقة في تطور علم الصيدلة على يد بن سينا، أن تجد أكثر من يكرهه مسلمون لأسباب غريبة وواهية، فتجد الكشميري في كتابه فيض الباري يتهمه بالزندقة والكفر، بينما تجد جورج ألفريد ليون سارتون الصيدلي العالمي صاحب كتاب "تاريخ العلم" يذكر بن سينا بقوله " إن فكر بن سينا يمثل المثل الأعلى للفلسفة في القرون الوسطى"
 
كان التخدير والمطهرات من الأمور المهمة في الجراحة عند الأطباء المسلمين القدامى، قبل تطوّر التخدير والمطهرات، كانت الجراحة مقتصرة على الكسور والخلع وبتر الأطراف. 
حاول الأطباء المسلمون منع الإصابة بالعدوى عند إجراء الجراحات، فكانوا يغسلون المريض قبل الجراحة وبعدها، كما كانوا ينظفون المكان بالكحول أو زيوت الورود أو بخليط منهما أو بمحلول ملحي أو بالخل، وهي مواد لها خصائص مطهرة.
 
كما استخدموا الأعشاب المختلفة وراتنجات منها اللبان والمر والقرفة لمنع العدوى، لكنه من غير المعروف على وجه الدقة مدى فعالية تلك المواد في الوقاية من التسمم. 
كان الأفيون معروفًا كمسكّن للألم منذ القدم؛ كما استخدمت غيرها من المخدرات كالبنج الأسود والشوكران وعنب الذئب وبذور الخس لعلاج الألم. 
كانت بعض هذه الأدوية وخاصة الأفيون، تتسبب في النعاس، وقد أكد بعض علماء المعاصرين أنها كانت تستخدم لإفقاد الشخص وعيه قبل الجراحة، كما استخدم الأطباء المسلمون أيضًا كلوريد الزئبق الثنائي لتطهير الجروح.
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة