ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا - أ.د. يحيا سلامه خريسات

 ان الله عزوجل خلق البشر لعبادته وعمارة أرضه وشرع لهم المناسك وفرض عليهم الأعمال والطاعات التي تقربهم اليه، فالصلاة عامود الدين ويرتبط بها العبد مع خالقه مباشرة خمس مرات في اليوم والليلة ويتقرب بها منه، والزكاة فريضة أيضا على من يمتلك المال وتتوافر شروط وجوب الزكاة عليه، ليعم بذلك الأمن المجتمعي ويشعر الغني بالفقير ولا يحسد الفقير الغني.
 
أما الصوم فهو تقرب من العبد لربه بابتعاده عن كل مالذ وطاب خلال ساعات وأيام وجوب الصيام وهو أمر عظيم ينقي النفس ويهذبها ويعودها على الصير والتحمل. وجاء الحج تلبية لدعوة ونداء خليل الرحمن سيدنا ابر اهيم عليه السلام وقد جاء الخطاب الرباني بأن مسجده الحرام هو أول مكان وضع لعبادته على أرضه تصديقا لقوله عزٌ من قال: إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ، وقد سماه المولى عزوجل بكة وليس مكة إشارة الى مكان الازدحام والتصادم والتباكي في الطواف في موسمي الحج والعمرة ومكة هي المدينة المحيطة بالبيت الحرام وسميت بذلك لقلة مائها.
 
وشرع المولى عزوجل الحج وهو أحد أركان الاسلام الخمسه على المسلم العاقل البالغ المقتدر. والإستطاعة نوعان: استطاعة جسدية بالنفس واستطاعة مالية بالمال والنفقة وتوفير الزاد والراحلة وتأمين مستلزمات الحياة الكريمة للمكلفين بالنفقة عليهم طول فترة غياب الحاج عن أهله.
 
وهنالك استطاعة بالغير فقد يكون المسلم قادر على النفقة ويمتلك المال ولكنه لا يمتلك الصحة لأداء تلك المناسك من كبر أو مرض عضال وهنا يجاز أن يقوم غيره بالحج عنه مقابل دفع التكاليف اللازمة لذلك. ان الله عزوجل خاطب الناس جميعا بأنه كتب عليهم الحج وليس المسلم فقط وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ، ولكن دخول الاسلام شرط أساسي لوجوب والسماح لغير المسلم بأداء تلك المناسك.
 
ويفضل عدم تأخير أداء مناسك الحج في حال توافرت الشروط، ويفضل قضاء الدين ومن ثم الحج، فالحج ركن أساسي من أركان الاسلام ولكنه فرض ولمرة واحدة في العمر وعلى المقتدر. والحج فيه تعب ومشقة وشعار الاسلام الأجر على قدر المشقة، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، والأجر والثواب عظيم اذا مالتزم الحاج بشروط الحج وبهذه الحاله يعود الحاج من شعائر الحج كما ولدته امه وهي اشارة الى ان الله يمحو عنه الذنوب والمعاصي باستثناء حقوق العباد والتي يستوجب قضائها وتأديتها لأصحابها.
 
لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك لبيك، ان الحمد والنعمة لك والملك، لاشريك لك. سبحان من أنجز وعده بنصره عبده وتمكينه دينه الذي ارتضى له على أرضه. اللهم حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا وتفرقا من بعده معصوما.