سبحانه الذي أسرى بعبده .. فلم تستغربون ؟ - عبد اللطيف مهيوب العسلي

* لم الاستغراب أن يسري بعبده وقد خلقه من قبل ولم يك شيئا ؟
 
ولم الاستغراب أن يري عبده من آيته الكبرى عند سدرة المنتهى والأرض والسماء في قبضته ؟ 
 
فمن خلقنا من العدم ، وخلق ما نراه ، وما نسمعه ، وما نذوقه، دون حاجة الى مواد أولية ولا الى أسباب وعلل ، بل قال لها وللأرض :
ءإتيا طوعا اوكرها قالتا : أتينا طائعين . فمن أخبرنا كيف خلق الأرض بقوله : 
 
( ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * ) فصلت/ 9 – 12 .
 
هو نفسه سبحانه  الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ..
 
فل نترك بقية التفاصيل ماذا ؟ 
 
وكيف ركب ؟
 
وكم  المسافة والوقت الزمني ..؛ ﻹنه بكل وضوح خالق الكيف ، والأين ، والدهر  لا يسأل بأين ، ولا يسأل ب  كيف..؟ ولا يسأل ب أين ؟ فقد محى  الأطوار ، وأطفأ الأنوار ، فلا يعرف الكيف منه كيف ، ولا يعرف الأين منه أين .
 
****
 
* الإسرى معجزة ..
 
إن  الإسراء معجزة  هزَّت أركان المسجد الحرام، واركان والمسجد الأقصى  ، وهزت كيان مكة ، وكانت هي 
 
المحصلة الأولى لاثنتي عشرة سنة من بعثته صلى الله عليه وسلم .
 
لم تكن حادثة الإسرى والمعراج حادثة عابرة في مسير عبدالله الأول  محمد ابن عبدالله  النبي والرسول الأمي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، فإذا كانت سنوات البعثة السابقة قد أرست وحدانية الله الخالق ، فإن حادثة الإسراء قد رسخت وثبتت وثوقه بالله واعتماده الكلي عليه حين أرادوا فتنته عما أوحى الله اليه ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا ) 74 الإسرى. 
 
* فما بين  اقرأ .. وبين سبحان الذي أسرى .
 
وما بين  اقرأ  وبين  ولقد رى من آياته الكبرى 
 
سنوات عجاف، بعد امتحان مرير، 
 
محن شداد تقنط أصعب الرجال ، كانت أيها السادة ، العداوة على اشدها ، وفي منتهى قوتها وجبروتها على رجل واحد .
 
ورغم ذلك كله ،
 
فليس المشكلة في تحمل الألام ، وقسوة الأعداء وطغيانهم فقط ، ولكن أصعب من هذا أن يتحمل هذه المصاعب كلها ولديه خيارات بسيطة - لو نظرنا إليها بنظرنا القاصر - تعرض عليه صباحا ومساء وإغرأءت ، ووعد ووعيد ، أن يتنازل عن بعض ما جاء به، ولو شيئاء قليلا ، أو يخفي قليلا منها ، فيحمي نفسه ومن معه ولو من باب الحيلة والمجاملة ، لوكان هذا الموقف عند رجل غير محمد لقال إنها فرصة حتى أتمكن .
 
لولا أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم صنف آخر لو وزن بامته كلها لرجحها .
 
إنه لم يتنازل عن مبادئه عما جاء به قدر أنملة .
 
وهيهات أن يتنازل و رحمة الله وفضله  عليه كبيرا . 
 
(85) وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) 
 
وكان جوابه لقومه دائما :
 
( .. يا عم ، والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله ، أو أهلك دونه ، .
 
فأي موقف في التاريخ كهذه ؟
 
.*...*.*..*.
 
** سر ما أودع الله في رسوله .
 
إن السِّر الذي أعجز الفلاسفة والعلماء فهمه ، وهز أركان الأرض والسماء ظهوره ، ومنعت الشياطين عند نزول الوحي عليه فلم تستطع إلى السماء وصوﻻ ، هو قوة ارتباطه بالقرأن الكريم. الذي وصفه في سورة الإسراء :
 
( (87) قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89))
 
وقد تمثل هذا واقعا مملموسا تجلى في خلوص عبوديته لخالقه .، وفي خلقه العظيم  وما الرحمة التي ظهرت فيه كلها مظاهر من تجليات القرآن ........
 
حتى أسرت قلوب الناس ..
 
واستحق بهذه العبودية تاج المهابة والوقار من حضرة الملك الوهاب حتى نزهت الذات العلية نفسها بنفسها عن استكثار الكفار على الله الإسراء بعبده بدون وقت زمني يعرفونه ووسيلة يركبونها فنزه نفسه أن يعجز او يشابه خلقهخلقه فقال : (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) الإسراء...)) 
 
فأي تكريم بعد هذا التكريم ؟! 
 
وأي تشريف بعد هذا التشريف ؟!
 
*****
 
 فيامن بليتم في القيل والقال ، ومختلفات الأقوال فوقفتم عند 
 
كيف ركب ؟
 
وكيف قطع المسافات ؟ وكيف عرج الى السماوات ؟
 
تذوقوا سر ( سبحان الذي أسرى بعبده. .) 
 
واخرجوا من قفص أسركم حتى تلحقوا في ركب براق حبيبكم ، تسروا في بساط ( سبحان الذي أسرى بعبده ) 
 
إن فعلتم ذلك حينها ستدركون. أن ثمة علاقة وطيدة
.........
 ............
 أن ثمة علاقة وطيدة بين الإسراء والعبودية بين العبد الكامل محمد ، وبين الذي أسرى به ، بين من  ..لم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل ..، وبين عبده الذي لم يتخذ من دونه وكيلا ، ولم يتخذ من دونه وليا وﻻ نصيرا . إن فعلتم لن تستغربوا بل ستكبرونه تكبيرا .
 
* ولم الاستغراب أن يسري بعبده وقد خلقه من قبل ولم يك شيئا ؟
 
ولم الاستغراب أن يريه مارأى عند سدرة. المنتهى عندها جنة المأوى والأرض والسماء في قبضته ؟ 
 
*****
* معشر السادة الأعزاء ليكن معلوم لدينا جميعا أن معجزة الإسراء لها دلالات عظيمة إنها خارطة طريق ، لم يكن هناك مسجد في بيت المقدس المدينة ألمقدسة آن ذاك ولم يكونوا قد عرفوا ما الكتاب. ﻻ ما الإيمان الذي جاء به محمد ، فكان الإسرى إيذانا بأن العاصمة الدينية الاولى المقدسة قد أنتقلت الى المسجد الحرام ، ونزعت من أتباع الرسل السابقين، وأن المسجد الأقصى سيكون مسجدا وليس كنيسة وﻻ معبدا وثنيا الى أن تقوم الساعة .
 
لقد أفتتحه للصلاة الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم . فصححوا معلوماتكم أيها المسلمون .
 
وكان المسجد الثاني بعد المسجد الحرام في مكة هو المسجد الأقصى الذي أفتتحه وصلى فيه . فصححوا معلوماتكم سماه الله هكذا وأفتتح الصلاة فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 
وإن كان هناك من دلالة فإن المسجد الأقصى لن يكون حرا طليقا إﻻ كانت مكة كذلك لا يمنع منها أحد ، وأن المسجد الأقصى يحرره المسلمون من أسره متى ما يتحرروا من أسر شهواتهم ، ويسرون ليلا من حبس أسر شهواتهم إلى محراب عبوديتهم ، ولن تعرج أرواحهم حتى يعرجون بسورة المعراج 
 
في يوم كان مقداره خمسون ألف سنة :
 
(( مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) ) المعارج .
 
وحتى يكونون من الذين وصفهم الله في سورة المعارج بقوله :
 
( (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ (35)) المعارج. 
وحين يفهموا ( سبحان الذي أسرى بعبده. ..)
 
حينها فقط يلتقي المسجدان ويجتمع المفترقان بطبع قد قهر  وأمر قد قدر .
 
نسأل الله جلت قدرته أن يفك المسجد الأقصى مسرى رسوله بسلامة وعافية وفتح ونصر مبين انه سميع مجيب .
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة