أهمية الرياضة في الدين الإسلامي

السوسنة -  لقد خلق الإنسان جسماً كثيفاً وروحاً شفافة، جسماً يشده إلى الأرض وروحاً تتطلع إلى السماء، جسماً له دوافعه وشهواته وحاجاته، وروحاً لها أشواق، فكان لابد من الاهتمام به وصقل أجسامهم وإنارة عقولهم بجانب تهذيب أخلاقهم وتزكية نفوسهم .

 
لهذا اهتم الإسلام بالقوة، فقال عليه الصلاة والسلام: "المؤمنُ القويُ خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خيرٌ" (1)، كما جاء الأمر في القرآن بالأخذ بأسباب القوة في غير ما آية، مع وضع القواعد والقيم لاستخدامها بحيث مدح القرآن القوة متى ما استخدمت وفق ضوابط الشرع، وتحكم فيها صاحبها ووجهها للاصلاح قال تعالى في حق طالوت، وبيان سبب اصطفائه: {إن الله اصفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم، والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم}(2). كما امتدحها الله لدى سيدنا موسى {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} (3).
 
كما ذم القرآن القوة متى ما استخدمت في الظلم والطغيان، أو لم تصل بصاحبها إلى معرفة الله وتعظيمه، قال تعالى: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة}(4)، فلم يكن للأجسام قيمة من غير توجيهها لمحاسن الأخلاق، وترسيخ القيم الرفيعة، ويقول عليه الصلاة والسلام: "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" (5).
 
وفي ذلك تهذيب للقوة الجسدية حتى لا تكون طائشة، بل يضبطها صاحبها ويوجهها إلى مافيه الخير .
 
وإذا كان الشرع الحنيف يدعو لتقوية الأجسام، وكانت الرياضة من الوسائل الفعالة لتقوية الجسم وتقويمه، فإنها تكون مطلوبة شرعاً لتحقيقها لمصلحة راجحة متى ما روعيت فيها الضوابط الشرعية، وخلت من المفسدة والتعصب، والشحناء وكل ما فيه ظلم وبغي أو تعدٍ لأحكام الشرع .
 
كما أمر الإسلام بإعداد القوة وتعهد الجسد مثلما أمر بتعهد الروح، فإنه أمر بغذاء الجسم وتعهده بالغذاء الحلال وحرّم الأعذية الفاسدة والمضرة بالجسم، وفي ذلك مدعاة لتنبيه الرياضيين أن يتعهدوا أنفسهم بالغذاء الحلال ويبتعدوا عن كل ما حرم الله، ويضر بالجسد من مخدرات ومنشطات حتى تكون الرياضة وسيلة لتقوية الجسم، مما يمكن العبد من طاعة ربه في جد ونشاط .
 
ومثلما أمر الشرع بتعهد الجسم بالغذاء الحلال أمر بالاهتمام بالنظافة العامة والجسدية خاصة، وأحكام الشرع من وضوء واغتسال ونحوهما أعظم دليل على ذلك، كما أمر المسلم بالاهتمام بالوقاية ابتداءً (إذا وقع الطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرجوا منها) (6).
 
كما أمر بالعلاج عند الإصابة فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى أنزل الداء والدواء وجعل لكل داءٍ دواء فتداووا ولا تداووا بمحرَّم" (7).
 
فمما سبق نعرف أن الإسلام اهتم بكل الوسائل التي تحفظ جسم الإنسان سليماً قوياً غير منهوك ولا هزيل إذا هو اتبع منهج الإسلام في تقوية الجسم والنظافة والوقاية والعلاج، ليكون كل ذلك وسيلة تمكن من اتقان عبادة الله تعالى والتوجه إليه بصدق وإخلاص .