الطلاق الرجعي و البائن و اثرة على البيت المسلم في الغرب - د محمود الدبعي

 أسر مسلمة كثيرة في الغرب لا تعلم رصيد بناتها من الطلقات التي يرميها الأزواج في حالات الغضب و الخلاف و الشك  و لذلك لا تتدخل هذه الأسرة في الوقت المناسب.. و تبقى بيوت المسلمين اضعف من بيوت العنكبوت  و الأصل توثيق حالات الطلاق الرجعي  وعدم اهمالها والأصل أن لا تخرج المرأة من منزل زوجها.. اذا رمى عليها كلمة الطلاق الأولى و الثانية ، لعل الله يشرح صدر الزوج و يتراجع من اجل استمرارية الحياة الزوجية. و قرار المرأة الفراق بعد طلاق رجعي قد تكون له نتائج سلبية على الأسرة  وهناك من تسمع كلمة طالق وتبكي في بيت أهلها.. و تندب حظها العاثر بدل ان تحل مشكلتها العالقة  مع زوجها و تحل الخلاف عن طريق وسطاء خير يريدوا للطرفين الإصلاح.  و هناك العديد من النساء يتوجهن للمحاكم المدنية من اجل توثيق الطلقة الأولى  للحصول على طلاق بائن من المحكمة المدنية التي لا تفرق بين الطلاق الرجعي و البائن بينونة كبرى و في الغالب تحصل المرأة على الطلاق و لكن الزوج يرفض الإعتراف بهذا الطلاق المدني و يعلق المرأة شرعا. و يتمسك بحقه الشرعي بان طلاقه كان رجعيا. للأسف هناك بعض الجمعيات الإسلامية توثق الطلاق المدني رغم رفض الزوج الإعتراف بهذا الطلاق و يتمسك بالقانون الشرعي الذي يجيز له رد الزوجة في حالات الطلاق الرجعي ( الأولى و الثانية). و تقع هذه الجمعيات في مشاكل هي في غنى عنها.  نحن نناقش قضية « إخفاء الطلاق الرجعي » في الغرب بسبب كثرة هذه الحالات و نريد معالجة  أسباب وقوعه بموضوعية تمنع تكراره عند الأزواج، الذين لا يدركون خطورة استنفاد رصيدهم من « الطلقات الثلاث » إلاّ متأخراً، في وقت لا يملك فيه الأهل أن يتدخلوا للصلح أو النصح، لا سيما وأنّ هناك الكثير من « المطلقين والمطلقات » يشعرون بالندم والأسف على عدم وجود أي فرص لعودة حياتهما الزوجية. 
 
 
الإشهاد على الطلاق
 
لا يجوز للزوج باي حال كتم الطلاق وعدم الإشهاد عليه.. لأن في ذلك ضرر شديد و قد يتحول الى بائن بينونة كبرى و اي ولادات بعد هذا الطلاق تكون غير شرعية. بينما لجوء الزوجة إلى الصمت بعد القاء الزوج لكلمة الطلاق الأولى قد يكون حلاً و هي في بيت زوجها دون ان يتدخل آخرين و خاصة الأهل في مشاكلهم الداخلية و قد يندم الزوج و يتراجع و لكن يجب توثيق تاريخ الطلاق بوجود
الشاهد فهو عونٌ لهما في علاج أسباب الطلاق ولا يجوز إخراج  الزوج مطلقته حتى تنقضي عدتها.
 
علاج الطلاق الرجعي
 
يعدّ بقاء الزوجة في منزلها بعد وقوع الطلقة الأولى والثانية من أهم المعالجات التي أوصت بها الشريعة الإسلامية؛ حفاظاً على بقاء واستمرار العلاقة الزوجية التي ربما تنهيها وتزيد من حدة خلافاتها- تدخلات الأهل ، أو نشر خبر الطلاق في محيط العائلتين، وباعتبار أنّ الطلقة الأولى بمثابة جرس إنذار ينبه الزوجان لإعادة ترتيب أوراقهما من جديد، فهما بحاجة لما يبعدهم عن أي ضغوط نفسية واجتماعية لتصحيح ما يمكن تصحيحه. وعندما يخفي بعض الأزواج التطليق والإرجاع دون إشهاد أو توثيق أو حتى الوقوف عند معالجة أسباب تلك الخلافات؛ تبقى احتمالية تكرار الطلاق وانتهاء العلاقة، حيث كان من الممكن أن تستمر في حال إدخال طرف ثالث للإصلاح، والتفاهم، يثقون بإدارته الواعية، وحكمته في معالجة الخلاف، بحيث لا تكون هناك طلقة ثانية أو ثالثة.
 
 
اثر الطلاق على الأسرة
 
أنّ الطلاق من المشكلات الأسرية للمسلمين في الغرب التي كثر التساهل بها مع الأسف الشديد في المجتمع الغربي الذي لا يضع ضوابط دينية لإستمرار الحياة الزوجية ، حتى بلغت نسباً مخيفة، ويؤيد ذلك حالات الطلاق المعلنة من المحاكم ، وغالباً يكون طلاقا بائناً، أمّا الطلاق الرجعي -طلقة أو طلقتان- فغالب الحال لا يدخل في حساب نسب الطلاق؛ لقلة المبلغين. ومن المهم إخبار الزوجين لشخص حكيم وعاقل، قد يكون ولي أمر الزوجة أو غيره، حيث توضح له الأسباب التي أدت لوقوع الطلاق دون التشهير بين أفراد الأسرة، وهذا الأمر يترتب عليه معالجة أسباب النزاعات من الجذور ما أمكن، بالإضافة إلى إمكانية الاستعانة بمستشار أسري للعلاج والتوجيه موصياً في حال وقعت الطلقة الأولى بالإشهاد عليها، مستشهدين بالرجل الذي جاء إلى ابن عباس وقال:[ طلقت امرأتي وراجعتها، فقال له: أشهدت على ذلك،قال: لا، فقال ابن عباس: طلقت لغير سنة، وراجعت لغير سنة، لماذا لم تشهد؟ اشهد على رجعتها، واشهدوا ذوي عدل منكم ] مشيراً إلى أنّه من المهم أيضاً توثيق الطلقة، فلا ينكرها الزوج  وهو الموافق للشرع و تحتاجه  الجان الشرعية في المساجد، بحيث يتم معرفة موعد التطليقة الأولى،  وسببها، وكيف وقعت ؟ وموعد الرجعة، وكذلك في التطليقة الثانية إذا قدر وقوعها، أمّا الثالثة فلا بد من إشهارها،  حتى لا يستهين به الزوج أو الزوجة .
 
أمراض نفسية
 
إن الإخبار والإشهار يتأكد في حال وقعت الزوجة بظلم وجور من الزوج، كأن يضربها، أو أن يكون مريضا نفسيا، يعاني من الشك، والغيرة المرضية، والوسواس القهري، وغيرها من الأمراض النفسية؛ مما يضبط الزوج،
ويعالج جذور المشكلة التي أدت للطلاق، مبيّناً أنّه يتأكد الإخبار من الزوج في حالة الرغبة في حصوله على مساعدة أهل الفتاة في حل مشكلة متأصلة في الزوجة، مثل الخروج بدون إذنه، أو عدم طاعته، أو نشوزها ولجوئه لأسباب علاج النشوز ولم ترتدع، فطلق ليخبر أهلها بطلاقها؛ بهدف تعاونهم في تعديل سلوكها، والمحافظة على الأسرة من الانهيار، لافتاً إلى أنّه في حالات كثيرة كانت الطلقة رغم فداحتها رادعة للطرفين، مصححة لمسيرة حياة الأسرة.
 
ضغط اجتماعي
 
إن الحرص على عدم نشر خبر الطلقتين الأولى والثانية في المحيط الأسري أو المجتمع؛ يأتي لتدارك بعض الأضرار الاجتماعية والنفسية على الأسرة والمجتمع منها: إضعاف الأمل في استمرارية الحياة الزوجية بينهم، خاصةً إذا فتحت آذانهم للقائلين والخوض في مشكلتهما، وكذلك التقليل والاستهانة من شأن الطلاق في نفوسهم، الذي ربما يسارع في إيقاع الطلقة الأخيرة،
وإنهاء الزوجية في ظل وجود الضغط الاجتماعي السلبي على الزوجين.
 
تدخل الأهل
 
و نلفت انتباه الزوجين أنّ تدخل الأهل من أكثر الأسباب شيوعاً في وقوع الطلاق بالمجتمع المسلم، خاصةً الأم التي تنتصر لابنتها بلا عقلانية حتى تطلقها من زوجها، وتحرمها من بيت الزوجية، و تؤكد الدراسات الأسرية أنّ الزوجة كلما ازداد ترددها إلى بيت أهلها غضباً من زوجها فإنّها تكون أقرب إلى الطلاق من غيرها، وخوفاً من التدخل الخاطئ من أهلها تلجأ الزوجة إلى الصمت، وعدم إخبار الأهل بوقوع الطلاق الأول والثاني، و نشدد على أنّ مؤسسات التنمية الأسرية وأمثالها من المؤسسات ومكاتب الصلح لها جهود رائدة في هذا المجال، وقد ظهر أثرها في تخفيض نسب الطلاق في المناطق التي يعيش بها المسلمون  بشكل مهني مدروس.