من أجل الحفاظ على السلام شرع الله العقوبات - عبد اللطيف مهيوب العسلي

وﻻن الأشرار ﻻ يتورعون عن تهديد السلم وقتل النفس  ، وﻻ يمنعهم من ذلك اﻻ العقوبة الرادعة فقد أنزل الله العقوبات الرادعة بما يكفل للبشرية حفظ السلام.بنصوص واضحة  ﻻ لبس فيها وغير قابلة لتحريفها عن مقاصدها ومن هذه العقوبات الاتي :
 
1 -  شدد الله تعالى العقوبة في حق من يعرض النفس البشرية للخطر ،وجعل عقوبة إزهاق نفس نفسا مثلها  النفس بالنفس ويزداد الجرم حين يكون  القتل  عبثيا ودون مبرر ،فقد جعل الله قتل نفس واحدة ظلما دون مبرر كانه قتلا للناس جميعا.
 
 اذ هو تعد للحياة  حتى حياة من لم يصلهم هذا الجرم ، وبالتالي عليهم مواجهته جميعا، وبالمقابل فان من يتصدى للقتلة  بهدف الحفاظ على هذه النفس ويقوم بالدفاع عنها  فكأنما قد أحيا  الناس جميعا ،  وذلك ﻷن التهاون بالحفاظ على هذه النفس سيعرض حياة البشرية كلها للخطر وستكون الحياة مستحيلة.  قال تعالى (( مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) )) من سورة المائدة.                              
                
 2 - تشديد العقوبة في حق من يعرض السلم الأهلي والاجتماعي للخطر. 
 
، وكذلك هو الامر بتشديد العقوبة في حق من يعرض السلم الاهلي والاجتماعي للخطر وجعل من يتعدون هذه الحدود محارببين لله ورسوله قال تعالى : ((  ... إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34) )) من سورة المائدة. 
 
3 -  وجوب تجنيب الفئات المسالمة في حالة الحرب ويلات الحرب .
 
ولأنه في الحرب لا ينخرط كل طوائف المجتمع وفئاته فيه حتى ولو كانت هذه الحرب مشروعة من اجل دفع الظلم ورد البغي والحفاظ على السلم فان على المحاربين تجنيب الفئة المسالمة ويلات الحرب ،ولا ياخذونهم بجريرة غيرهم وهم كثر ما يطلق عليهم في المصطلح الجديد اليوم المدنين ، والمدن الآهلة بالسكان ، والمرافق التي يستخدمونها من مستشفيات وطرق واسواق ودور عبادة وقاعت الحفلات والعزاء ..لخ
 
هذا حين تكون الحرب مبررة ، واﻻ فالحرب كلها شر ودمار ، ولكن قد تفرض أحيانا من اجل السلم وحفظ النفس فقط ،لذلك في حالة هذه الحرب فان الله شدد بالامر لتجنيب الفئة الراغبة بالسلم والحفاظ عليها ، مهما كان حجمها او مكانتها او عددها ، وبصرف النظر عن صحة دينها من عدمه ،  وبصرف النظر عن كونها من قوم بين المؤمنين وبينهم عداوة ، أو كانوا من قوم بينهم وبين المؤمنين ميثاق فذمة الله واحدة ، فعلى المؤمنين بقيم العدالة والسلم والمستجيبن لما دعا اليه القرآن ان يجنبوا الفئة المسالمة والنفس المسالمة ويلات الحرب فلا يقتلون من يرغب بالسلم وسواء  كانوا في نظر من يستهدفهم كفارا أو وروافضا أو وثنين او منافقين ، أو تحت أي مسمى، وشدد على ذلك كما نرى ذلك في الايات التي بين ايدينا من سورة النساء، قال تعالى :((  إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ۚ فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا (91) ))
 
4 - في حالة القتل الخطأ .
رغم ذلك فانه في حالة الحرب قد تحدث أخطاء وقد تقتل نفس بريئة بغير قصد وحتى ﻻ يستهتر بهذا الامر ولو كان خطأ فقد قرر الله كفارة عظمى الى جانب الدية تتراوح بين عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين قال تعالى،: (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) )) من سورة النساء. 
 
5- تغليظ عقوبة القتل العمد .
وبنفس السورة وهي الاية التي تلت الاية السابقة الخاصة بمن يقتل عمدا ، جاءت الاية بالجزاء العظيم الذي تقشعر  منه الابدان  ، فلقد توعد الله من يقتل نفسا  متعمدا باشد العقوبات المتنوعة ،وهي  الخلود في جهنم  وغضب الله ولعنه والعذاب العظيم قال تعالى: (( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) ))
 
6 - التحري والتبين قبل التفكير في الحرب .
وعدم قبول المبررات الواهية او عدم المبالة ،
 
فلم يقبل الله اي عذر ممن يتعمد قتل النفس المسالمة وﻻ اي مبرر تحت اي مسمى
 
فكل نفس تنشد السلام فهي مؤمنة بفتح الميم المشددة ، وﻻ حجة لمن يقول انها غير مؤمنة بل وﻻ يحق له أن يصدر هذا الحكم ، أو يصفها بهذا الوصف لغرض ان يستحل عرض صاحبها وما له ، وأن علهيم التحري والتبين خوف الوقوع بجرم قتل النفس المسالمة ، وهذا ما ترشدنا اليه  منطوق الاية الاتية التي تلت الاية السابقة من نفس السورة قال تعالى: (93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94) ))
 
اللهم انا نشهد انك قد ارسلت الينا رسولك وانزلت كتابك فما من خير اﻻ وقد دعوتنا اليه وحببتنا فيه ، وما من شر اﻻ وقد نهيتنا عنه وحذرتنا منه وكرهتنا اليه .
 
فهل استجبنا لما دعانا الله اليه ؟ 
 
فاين نحن من هذه التعاليم .؟
 
فعلى كل واحد منا ان يسأل نفسه هل هو ممن استجاب لله ولرسوله فيستحق الحسنى :(( لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18) )) من سورة الرعد. 
 
أين نحن من قوله تعالى : (( عِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) )) من سورة الفرقان. 
 
أليس هذا كتابنا ينطق بالحق ؟
 
 فم عذرنا ؟
 
على كل واحد ان يسأل نفسه هذا السؤال هل نحن أنا من عباد الرحمن ...؟
 
 ام من عباد الشيطان ؟
 
وهل  التزمت بالعهد الذي اكرره في كل صلاة   في التحية بعد تأكيدي بالشهادتين ؟
 
هل تذكرت اني ﻻ انصرف من الصلاة اﻻ بالسلام ؟
 
( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ) ؟
 
فهل نحن ممن استمع القول فاتبع أحسنه ؟؟
 
ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننا من الخاسرين .
 
اللهم اهدنا سواء السبيل واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم ألو الألباب .
 
ربي فلا تجعلني في القوم الظالمين. 
 
 اللهم أنت السلام ، ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام . وأدخلنا الجنة دارك دار السلام، تباركت وتعاليت ياذ الجلال والإكرام. 
 
ربنا ﻻ علم لنا اﻻ ما علمتنا انك انت العليم الحكيم. وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين .