مواقف للرسول صلّى الله عليه وسلم

لمّا عاد النبي عليه الصلاة والسلام إلى مكة فاتحاً وبصحبته جيش جرار أحاط بمكة إحاطة السوار بالمعصم، استرجع الناس ما عاناه المصطفى عليه الصلاة والسلام من اعتداء وايذاء واتهام وسب وشتم على أيدي وألسنة أهل مكة ومن عاونهم، فقال قائل منهم اليوم يوم الملحمة وهو ينظر إلى الجيوش الجرارة التي لا تقهر معتقداً أن هذ النبي سوف يُعمل السيوف في رقاب أهل مكة انتقاماً سافكاً دماءهم مستحلاً محارمهم مستعبداً أطفالهم .

هذا الأمر كان يمكن أن يكون لو كان غير النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولكنه أعطى صور ناصعة لما ينبغي أن يكون عليه المسلم من عفوٍ بعد مقدرة ولين بعد شدة ورحمةٍ مبثوثة لمن عاداه يوماً وسلب ماله وأسال دمه الشريف وقتل أحب الناس على قلبه .

يجمع المصطفى عليه الصلاة والسلام الناس ويقول: يا أهل مكة ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا اخ كريم وابن أخ كريم؛ لأنهم يعلمون خلقه ونشأته والقيم التي يحملها وما حملهم على عداوته إلا الحسد والكبرياء والشعور بالعظمة وعدم الانصياع للدين الذي يسوي بين القوي والضعيف والغني والفقير والعبد والسيد في الحقوق والواجبات.

 يجمعهم ويعلي صوتاً لن يجود الزمان بمثله أبدا اذهبوا فأمنتم الطلقاء الأحرار متجاوزاً  كل مشاعر الألم والإيذاء, بأبي انت وأمي ما أطيب ذكرك وما أجمل سيرتك التي تفوح منها رائحة العنبر والريحان .

أية نفس هذه التي تجود بهذاالصفح والسماح؟ وأية نفس كريمة تحمل هذا الحب الذي لا ينقطع؟ وأي جسد يحوي هذه النفس الطاهرة ؟

يختزل عليه الصلاة والسلام دهراً من العداء والكره والحرب والعدوان بكلمة طيبه اذهبوا فأنتم الطلقاء، يا عجباً ممن لا يعطيك حقك يا رسول الله ويزدري خير من على الأرض مشى وينكر شمساً بنورها أزال الله الظلم والظلام وقمراً لا يهتدي السائرون إلا به .

صلى الله عليك ياعلم الهدى ما هبت النسائم وما ناحت على الأيك الحمائم ,اللهم ارزقنا حبك وحب نبيك وأعنا على الاهتداء بهديه, والاقتداء بسيرته, والتطيب بذكره والصلاة عليه عدد ما خلق رب العزة وما سيخلق إلى يوم الدين .

اللهم إنا نحب نبيك فاحشرنا مع من نحب يارب العالمين.