وجوب التأكد من صحة الأحاديث

السوسنة - حرص علماء الحديث الشريف على وضع خطط منهجية لتلقي العلم ونقل الحديث النبوي عن الثقات إلى أن يصلوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالحديث الشريف إنما هو مصدر التشريع الثاني بعد القرآن الكريم ومصداق هذا قول الله تعالى : "﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾.

يقول الشيخ النابلسي في هذا الشأن :
إذا ضاعت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ضاع تفسير القرآن، إذن فحفظ السنة من التحريف والوضع والتزييف والتغيير إنما هو حفظ للقرآن الكريم وتشريعات الله تعالى، وقد سخّر الله سبحانه وتعالى لهذه السنة من يحفظها ويهتم بنقلها كما وردت عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا تخفى كتب العلماء في هذا الباب فصحيح البخاري ومسلم ومسند الإمام أحمد وسنن أبو داوود والترمذي وغيرها الكثير من أكبر الأدلة على اعتناء العلماء بالسنة النبوية الشريفة.


ويتابع قوله: ومن باب اهتمامهم بعلم الحديث ومصطلحاته، فقد عرفوا صحيح الحديث من ضعيفه وصحيح السند من سقيمه وعرفوا رجال الحديث ودرسوا المتون وكل ما يتعلق بالأحاديث الشريفة.

تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري (1229) ، ورواه مسلم في مقدمة صحيحه (3) "
في الحديث الشريف نص واضح وصريح على حرمة الكذب العمد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجزاء من يفعل ذلك نار جهنم.

يقول الشيخ راتب النابلسي:
أنه من رحمة الرسول -  صلى الله عليه وسلم -  أنه خصّص هذا الوعيد على من تعمد الكذب عليه يعني أن يعلم المتكلم أن ما ينقله وينسبه للرسول صلى الله عليه وسلم لم يقله أو يرِد عنه، ومع هذا ليس مبررًا أن يهرع الإنسان لرواية كل ما يسمع قبل أن يتأكد من صحته.

حكم نقل الأحاديث مع عدم التأكد من صحتها :
ذكرنا سابقًا أن حكم الكذب متعمدًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حرام، لكن ما حكم من ينقل حديث وهو لا يعلم هل هو صحيح أو غير صحيح مثل الرسائل التي ترد على مواقع التواصل كالواتس أب والفيس وتويتر وغيرها؟
وفي هذا الشأن حديث آخر للرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه.


وقال النووي رحمه الله : هذا تغليظ للكذب وحتى مجرد التعرض له ، والذي يروي حديثًا يغلب على ظنه أنه مكذوب فهو كاذب ويقع عليه الإثم.

وقال الألباني رحمه الله : وجب على من وصله حديث للرسول صلى الله عليه وسلم أن يتأكد من صحته قبل أن ينشره وإلا دخل في الوعيد الذي أخبرنا به رسولنا صلى الله عليه وسلم.