شرح الحديث الشريف الدنيا ملعونة

السوسنة - شرح حديث أَبي هُرَيْرَة رضي اللَّه عنه قال : ( أَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ ، ملعون ما فيها إلا ذكرَ الله تعالى وما والاه ، وعالماً ومتعلما ً) رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن .

شرح الحديث 
يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه جامع العلوم والحكم،  معنى اللّعن : هو الذّم ، أي مذمومة الحياة الدنيا ، لأن أكثر ما فيها يلهي عن عبادة الله تعالى ، مما يجعل الإنسان يعمل من أجل كسب حياته الدنيا ، ويغفل عن الحياة الآخرة ، والاهتمام بزينتها وشهواتها ، فتعد مذمومة ومذموم كل ما فيها ، إلا ذكر الله سبحانه وتعالى بمعنى : إلا الأعمال الصالحة من قراءة القرآن ، والتسبيح والتهليل ، وإعمار القلوب بذكر الله وتعظيمه وتجليله ، وترك الإنسان للمعاصي .


وقال الإمام ابن باز رحمه الله في شرحه للحديث : الدنيا مذمومة أي مذموم ما فيها ، وهو كل ما يصد ويلهي عن عبادة الله تعالى والدار الآخرة ، أما كل ما يتعلق بذكر الله  والدار الآخرة ، من طاعة الله ورسوله وترك المعاصي والإبتعاد عن الكبائر ، هذا ممدوح ، وللمسلم أجر عظيم الذي يتبع ما أمر الله به ونهى عنه . 

فالمؤمنون والمؤمنات هم أهل ذكر لله سبحانه وتعالى ، والقائمون بذكر الله ، أما العلماء والمتعلمون هم خواص المؤمنين ، فعلماء الشريعة والمتفقهون في شرع الله ، كلهم يعتبرون غير مشمولين بالذم ، وكذلك العلماء الذين يعلمون الشرع ويدعون إلى الله تعالى ، ويرشدون الناس إلى الحق . كما أن هذا يشمل طلاب العلم الشرعي ، فهم كلهم غير داخلين في الذم لأنهم من خواص أهل الإيمان وأهل ذكر لله .

وجاء في  كتاب رياض الصالحين شرح للحديث :  يقول النبي صل الله عليه وسلم : ( الدنيا ملعونة ) ، بمعنى : أنها مبغضة إلى الله تعالى ، أن الله يسخطها ( إلا ذكر الله تعالى وما والاه ) بمعنى : إلا ما يقرب لله تعالى ، أي من طاعات وعبادات .
وكما قال صل الله عليه وسلم ( وعالماً ومتعلماً ) ، بمعنى من يعمل بالأعمال التي توصل إلى الله سبحانه وتعالى ، مثل العلم بالله وأسمائه وصفاته ، والعلم بالطريق الموصل إلى الله . 

وهذا الحديث المقصود به ليس تعطيل الحياة الدنيا ، والإنشغال بالعمل للآخرة ، ويبقى المسلمون في حال ضعف ومذلة لعدوهم ،فالنبي - صل الله عليه وسلم - يقول : ( ألا إن القوة الرمي ) . كما وأمر زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أن يتعلم لغة اليهود العبرية ، وقام زيد بتعلمها خلال 17 يوم ، وفي غزوة بدر عزم الرسول - صلى الله عليه وسلم -على أن كل من كان يقرأ من الأسرى لدى المسلمين ويكتب أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعلم 10 من أبناء المسلمين ، على أن يتم تحريره بعدها .

 
 
الإنسان خليفة على هذه الأرض عليه إعمارها بما يرضي الله سبحانه وتعالى ، من طاعات وعبادات ، والإبتعاد عن ما نهى الله جل جلاله عنه ، وبهذا يكون المؤمن كسب الحياة الدنيا والآخرة .
صفاء ابراهيم 
 

 





آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة