ماحكم المسح على الجوارب او الخفين ؟

 السوسنة اسلام - اقبل فصل الشتاء يحمل كما في كل عام بردا قارسا ، وكانت ام أحمد سيدة كبيرة في السن ارادت ان تعرف اذا ما كانت تستطيع المسح على جورابيها أو خفيها عند الوضوء اثناء الشتاء وكان الجواب كالتالي : 

غالب الجوارب التي تُلبس في زماننا هذا، والمعروفة في الأسواق وبين الناس، مما لا يجوز المسح عليها في قول جماهير الفقهاء؛ وذلك لأنها إما رقيقة تصف لون البشرة لم يُفت أحد من المذاهب المعتمدة بجواز المسح عليها، أو أنها غليظة ولكنها لا تنطبق عليها الشروط الأخرى المذكورة لدى الفقهاء.
فقد اشترط فقهاء الحنفية في المعتمد أن تكون صالحة للمشي عليها مسافة فرسخ، كما جاء في "الدر المختار": "أو جوربيه - ولو من غزل أو شعر - الثخينين، بحيث يمشي فرسخاً، ويثبت على الساق، ولا يُرى ما تحته ولا يشف" انظر "رد المحتار" (1/ 269)، والفرسخ عند الحنفية= (5565م) كما في كتاب "المكاييل والموازين" للشيخ علي جمعة.
واشترط فقهاء المالكية في المعتمد لديهم أن يكون الجورب مجلد الظاهر والباطن، كما قال خليل في المختصر مع شرح الشيخ الدردير رحمه الله: "رُخِّص لرجل وامرأة بحَضَرٍ أو سفر مسح جورب جلد ظاهره - وهو ما يلي السماء - وباطنه وهو ما يلي الأرض" انتهى من "الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي" (1/ 141).
واشترط فقهاء الشافعية في المعتمد لديهم أن تمنع نفوذ الماء، كما قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "لا يُجزئ منسوج لا يمنع ماء يُصَبُّ على رجليه - أي نفوذه - وإن كان قوياً يمكن تِباع المشي عليه، في الأصح؛ لأنه خلاف الغالب من الخفاف المنصرف إليها النصوص" انتهى من "تحفة المحتاج" (1/ 252)، وجاء في "حاشية البجيرمي" (1/ 262): "لا يضر نفوذ الماء من محل الخرز... والمراد بالماء الذي يمنع الخف نفوذه ماء الصب، أي وقت الصب، فلا يضر نفوذه بعد مدة، خلافاً للولي العراقي أن المراد ماء المسح".
وهذه القيود في المذاهب الثلاثة لا تتوفر في الجوارب التي يلبسها عامة الناس اليوم.
وأما الحنابلة فقد اشترطوا أن تكون الجوارب صفيقة لا تشف، وأن تستمسك بنفسها، وهذا معنى قولهم: يمكن متابعة المشي فيه، يعني أن الجورب لا يسقط إذا مشى فيه، فيثبت بنفسه ولا يحتاج إلى مثبِّت، هكذا كان الشرط في أكثر كتب الحنابلة، وهذا حال أكثر الجوارب التي يلبسها الناس اليوم.
يقول ابن قدامة رحمه الله: "الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه... قال أحمد في المسح على الجوربين بغير نعل: إذا كان يمشي عليهما، ويثبتان في رجليه؛ فلا بأس. وفي موضع قال: يمسح عليهما إذا ثبتا في العقب. وفي موضع قال: إن كان يمشي فيه فلا ينثني، فلا بأس بالمسح عليه، فإنه إذا انثنى ظهر موضع الوضوء، ولا يعتبر أن يكونا مجلدين، قال أحمد: يُذكر المسح على الجوربين عن سبعة أو ثمانية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن المنذر: ويُروى إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم... وبه قال عطاء والحسن وسعيد بن المسيب والنخعي وسعيد بن جبير والأعمش والثوري والحسن بن صالح وابن المبارك وإسحاق ويعقوب ومحمد" انتهى من "المغني" 1/ 215
والخلاصة: أن الجوارب غير الشفافة التي يلبسها الناس اليوم يجوز المسح عليها في مذهب الحنابلة، وفي قول عند الشافعية يقابل "الأصح". والله أعلم.
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة