رمضان في اندونيسيا

السوسنة  - إسلام حنفية - تعتبر اندونيسيا أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان المسلمين، إذ يشكل المسلمون ما نسبته 85% من سكانها البالغ عددهم 250 مليون نسمة، وقد دخل الإسلام إلى هذه الدولة في القرن الثامن الهجري أي القرن الرابع عشر الميلادي، وذلك عن طريق لقاء سكانها الأصليين بالتجار المسلمين من العرب والهنود والفرس.

 
وتتميز اندونيسيا كغيرها من دول العالم الإسلامي بتقاليدها الخاصة في شهر رمضان المبارك، حيث تبدأ المظاهر الإحتفالية في اندونيسيا بقرب دخول شهر رمضان، وذلك قبل أسبوعين تقريباً من الموعد الذي تحدده وزارة الشؤون الدينية الإندونيسية لتحري هلال رمضان، حيث يزين المسلمون بيوتهم ويزخرفونها، كما تزين الشوارع وتوضع فيها اللافتات التي تحتفي بالشهر الكريم، وتزين المساجد وتزخرف لتظهر في أبهى حلة.
 
وفور أن يثبت دخول شهر رمضان، تبدأ الاحتفالات في شتى أنحاء البلاد، حيث تجوب الشوارع فرق من الشباب الذين يقرعون الطبول الإندونيسية التقليدية، والتي تسمى "بالبدوق"، وتوضع الطبول في مركبات مفتوحة، ويستمر الشبان في قرعها بينما تجوب هذه المركبات أنحاء المدينة.
ولهذه الطبول مهمة ارتباط عميق بشهر رمضان المبارك في اندونيسيا، إذ تستخدم كذلك للتنبيه إلى موعد الإفطار، وموعد السحور، فتقرع بشكل يومي قبل أذان المغرب، وفي وقت السحر.

ومن المظاهر المميزة لشهر رمضان الفضيل في اندونيسيا، إغلاق المطاعم والمقاهي في النهار، وتوزيع الوجبات المجانية في المساجد لتفطير الصائمين، بالإضافة إلى توجه بعض الأسر ميسورة الحال إلى ملاجيء الأيتام لتقديم وجبات الإفطار لهم، وتناول طعام الإفطار معهم.  
 
تغلق النوادي الليلة أبوابها طيلة أيام رمضان، وذلك مراعاة لحرمة للشهر الفضيل، وتبرز المدارس والمعاهد الدينية في مختلف أنحاء اندونيسيا، إذ تقوم بتنظيم تجمعات حاشدة لطلابها، وتقدم لهم برامج خاصة تركز على آداب الشهر الفضيل وتعرفهم بعظمة قدره.
وتحتفل أندونيسيا بشكل رسمي بذكرى نزول القرآن الكريم، وذلك بإقامة الحفلات الدينية في القصر الرئاسي طيلة شهر رمضان المبارك، باعتبار أن شهر رمضان هو شهر نزول القرآن، وتبث هذه الحفلات بواسطة الإذاعة والتلفزيون الرسميين.  
 
 
ويرتبط مسلمو اندونيسيا كغيرهم من مسلمي العالم الإسلامي بالمساجد والعبادة بشكل ملحوظ في رمضان، حيث يحرصون على أداء الصلوات جماعة في المساجد، ولا سيما صلاة التراويح، حيث تقام صلاة التراويح في كافة مساجد الأرخبيل الإندونيسي، ويشهد مسجد الاستقلال في جاكارتا أكبر تجمع للمصلين، حيث يعتبر المسجد الأكبر في منطقة جنوب شرق آسيا، والذي استغرق إتمام بنائه 17 عاماً، ولا يقتصر حضور الإندونيسيين في المساجد على الصلوات فقط، بل يحضرون الندوات والدروس الدينية التي تقام فيها والتي يطلق عليها اسم "تدارس".
 
 
أما بالنسبة للأطعمة التقليدية التي تميز مائدة الإفطار الاندونيسية، فإن للأرز النصيب الأكبر فيها، إذ يعتبر الأرز بكل أشكاله من الأطباق التقليدية الشهيرة لدى الاندونيسيين، وذلك في رمضان وغيره، ومن أشهر أطباق الأرز التي تقدم على مائدة الإفطار لدى الاندونيسيين، الأرز الأبيض المسلوق، والأرز المحمر والذي يسمى باللغة المحلية بـ "ناسى جورنج"، حيث يطبخ هذا الأرز مع خليط من الخضراوات و صدور الدجاج ويزين الطبق بقرص من البيض المقلي.
ويقسم الاندونيسيون إفطارهم إلى مرحلتين، حيث يتناولون المشروبات والحلوى عند أذان المغرب، ويحرص الكثير منهم على أن يتضمن هذا الجزء من إفطارهم التمر واللبن، وذلك تحقيقاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يتوجهون إلى أداء صلاة المغرب، وبعدها يعودون إلى منازلهم لتناول الوجبة الرئيسية.
 
ومن أشهر أطباق الحلوى المرتبطة بشهر رمضان في اندونيسيا، حلوى "الكولاك" وهي تتكون أساساً من البطاطا المسلوقة، حيث تسلق البطاطا ثم يضاف إليها السكر البني وجوز الهند، ومن مشروباتهم المفضلة شراب "تيمون سورى" وهو نوع من عصير الشمام.