محطات سوداء خطّها الغرب بالعنصرية للاسلام

السوسنة  -  بينما تواصل الدانمارك التربع على عرش مؤشر السعادة العالمي، لا يتوانى غلاة هذا البلد الإسكندنافي، الذي يفتخر بتميز نموذجه التنموي والاقتصادي وتبوئه مرتبة الصفوة في الالتزام بمعايير حقوق الإنسان، في بث الحزن والغضب في قلوب الملايين من مسلمي العالم.

 
ففي غفلة من عالم إسلامي منهمك، إلا ما نذر، في صراعات داخلية وأزمات سياسية واقتصادية لا تكاد تجد للحل سبيلا، يعود هذا البلد الأوروبي مجددا ليسرق الأضواء من خلال إساءة هي الثانية من نوعها في تاريخه الحديث لرموز الإسلام ومقدساته.
 
فقد أقدم رئيس حزب "النهج الصلب" الدانماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان على العبث بنسخ من القرآن الكريم ورميها في الهواء، تحت مرآى ومسمع الشرطة التي كلفت بحمايته في حي "نوربرو" -الذي يقطنه عدد كبير من المسلمين والمهاجرين- وسط العاصمة كوبنهاغن.
 
تصريحات عنصرية
وكان بالودان، الذي تلقى مؤخرا حكما بالسجن النافذ لأسبوعين بسبب تصريحات عنصرية، قد أقدم يوم 22 مارس/آذار الماضي على حرق نسخة من مصحف القرآن الكريم أمام حشد من المصلين خلال أدائهم صلاة الجمعة أمام مبنى البرلمان تعبيرا عن تنديدهم بمجزرة المسجدين فى نيوزيلندا.
 
وتعيد هاتان الحادثتان إلى الأذهان ما جرى في البلد ذاته عام 2005 حين قام رسام كاريكاتير دانماركي بنشر رسوم مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في كتاب موجه للأطفال، فنشرت صحيفة "يولاندس بوستن" المحلية 12 رسما منها يوم 30 سبتمبر/أيلول من العام ذاته.
 
وبعدها بأيام، أعادت مجلة "مغازينا" النرويجية نشر الرسوم، مما تسبب في موجة غضب ومواجهات في أرجاء العالم الإسلامي، حيث حرق محتجون سفارات وقنصليات دانماركية ونرويجية وقاطعوا بضائع الدانمارك، مما كلفها خسارة 8 مليارات دولار خلال سبعة أيام فقط من تاريخ نشر الرسوم.
 
الحادث الاستفزازي الجديد تسبب في اضطرابات بمناطق عدة من كوبنهاغن، حيث قام شباب غاضبون بإلقاء الحجارة على أنصار حزب "النهج الصلب" وسط العاصمة، وأشعلوا النيران في الحاويات، في حين استخدمت قوات الشرطة الغاز المدمع لتفريقهم.
 
كما أعلنت السلطات الأمنية الاثنين الماضي إيقاف 23 شخصًا للاشتباه في ضلوعهم في عشرات الحرائق المتعمدة للسيارات في حي نوربرو.
 
ازدراء المعتقدات
ونظمت 24 من منظمات المجتمع المدني، أبرزها الوقف الديني التركي الدانماركي والجمعية الإسلامية الدانماركية واتحاد الديمقراطيين الدوليين، الجمعة الماضية مسيرة احتجاجية سلمية تنديدا بحادثي التدنيس والحرق.
 
وحمل المحتجون، الذين ساروا على مسافة كيلومترات باتجاه ميدان بلدية كوبنهاغن وسط العاصمة، مصاحف مرددين هتافات تنادي باحترام القرآن الكريم وكافة الكتب المقدسة.
 
ودعمًا للمسيرة، جمعت منظمات عدة للمجتمع المدني توقيعات لحظر إهانة الكتب المقدسة في الدانمارك، ولإعادة العمل بقانون "ازدراء المعتقدات" الذي جرى وقف العمل به في البلاد قبل نحو عامين.
 
انتقادات واسعة
وقد خلّف حادث التدنيس الجديد انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي التي عجت بمئات التعليقات الغاضبة.
 
فقد عبّر شيخ الأزهر أحمد الطيب في سلسلة تغريدات على حساب "مجلس حكماء المسلمين" الذي يرأسه، عن رفضه لحادث تدنيس وحرق مصحف القرآن الكريم وسط العاصمة الدانماركية، واصفا الحادث بأنه "عمل مشين".
 
وغرد الطيب قائلا "القرآن الكريم هو كتاب الله، ولا نقبل المساس به بأي شكل من الأشكال".
 
أما مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية، فاعتبر في بيان له أن "الحادثة تعد الثانية في الدانمارك، بعد أقل من شهرين بعد الحادثة الأولى التي وقعت في مارس/آذار الماضي، ومن الشخص نفسه".
 
وأضاف المرصد أن هذا الأمر "يشير إلى حالة من التطور النوعي للعنف شديد الخطورة تجاه المسلمين ومقدساتهم هناك، ومحاولة خلق الفوضى داخل المجتمع الدانماركي".
 
في حين اعتبر مغردون أن ما حصل لا علاقة له بحرية التعبير، داعين الدول العربية والإسلامية إلى عدم الوقوف موقف المتفرج، وإلى مقاطعة الدانمارك سياسيا واقتصاديا.
 
 

 





آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة