الخوف من الإسلام يطارد المرشحين الأميركيين المسلمين

السوسنة  -  كشف استطلاع جديد للمسلمين الذين خاضوا الانتخابات النصفية لعام 2018، المدى الذي وصل إليه التعصب الديني في الحياة السياسية الأميركية. ضربة البداية جاءت من مذيعة قناة فوكس نيوز، جانين بيرو، التي غمزت من القناة النائبة في الكونغرس، إلهان عمر، وعلقت على ذلك قائلة: «فكرواً ملياً في الأمر، إلهان عمر ترتدي الحجاب»، وتمضي قائلة «ألا يدل التزامها بهذا التقليد الإسلامي على تمسكها بالشريعة، وهو ما يتناقض في حد ذاته مع دستور الولايات المتحدة؟».

 
هذا التلميح الخبيث للإسلامو فوبيا أو «الخوف من الإسلام»، الذي تختزله في غطاء الرأس، الذي ترتديه النائبة إلهان عمر، وجد استنكاراً واسعاً حتى من قبل صاحب رئيس بيرو. ومع ذلك، فإن تعليقها يتضمن تلك الرواية المعادية للمسلمين، التي طالما ظلت في لب النصوص السياسية والإعلام الأميركي. وقد أظهر استطلاع جديد للرأي، استطلع آراء المرشحين المسلمين في الانتخابات النصفية عام 2018، الذين يرون أن مثل هذه المواقف ضارة، وأحياناً تشكل تهديداً للمسلمين الذين يدخلون المؤسسات العامة، خصوصاً بالنسبة للنساء.
 
لقد تجنب المسلمون الأميركيون الترشح للانتخابات تقليدياً. ومع ذلك، فإن الخطاب «الإسلامو فوبي» الخاص بالحملة الرئاسية الأميركية لعام 2016، الذي لخصه إعلان الرئيس، دونالد ترامب بأن «الإسلام يكرهنا»، جعل عدداً غير مسبوق من المسلمين يسعون للترشح لهذا المنصب. ويقول غريغوري جونز، الذي سعى إلى ترشيح نفسه للكونغرس في ألاسكا عن الحزب الديمقراطي: «لقد ترشح الكثير من المسلمين لهذا المنصب، لاتخاذ موقف ضد الخوف والكراهية من الإسلام».
 
ويقول إن فريق الاستطلاع حدّد 166 مسلماً أميركياً خاضوا الانتخابات التمهيدية لعام 2018، لحكومة ولاية ميشيغان ومجالس المدن ومجالس المدارس، ومن بين هؤلاء ترشح 23 للكونغرس و50 للهيئات التشريعية للولاية، وسعى خمسة منهم إلى الحصول على منصب على مستوى الولاية، «لقد قمنا باستطلاع تلك المجموعة رفيعة المستوى كجزء من مشروع أكبر يدور حول رهاب الإسلام خلال الانتخابات النصفية، وشارك أكثر من النصف في الاستطلاع».
 
كانت تجارب المرشحين مختلطة بكل تأكيد، حيث ذكر ما يقرب من 40% من الذين شملهم الاستطلاع أنهم واجهوا مشاعر معادية للمسلمين أقل، أو أنهم لم يواجهوا ذلك ابداً، وذكر نحو الثلث أن مستوى الخوف من الإسلام الذي واجهوه كان مرتفعاً أو مرتفعاً للغاية، ولم يبلغ سوى أربعة مرشحين عن عدم وجود رهاب للإسلام على الإطلاق، ولم يكن أي من هؤلاء من النساء، وسمع العديد تعليقات ساخرة عن الإسلام من خصومهم في السباق.
 
أمّا المرشحات الإناث فقد تم استهدافهن بمعدل الضعفين مقارنة بالرجال، وأفادت أكثر من 40% من النساء اللاتي شملهن الاستطلاع بأنهن تلقين تهديدات لفظية، وكثيرات منهن ذكرن أنهن تلقين تهديدات نصية، ونحو 20% منهن تعرضن للتهديد البدني، وأولئك اللاتي يرتدين الحجاب، مثل إلهان عمر، كن على وجه الخصوص الأكثر استقطاباً للكراهية.
 
ويقول واحد من عشرات المنشورات المخيفة على موقع المرشحة الديمقراطية للكونغرس في اريزونا، ديدرا عبود، في الـ«فيس بوك»: «اربطي هذه المنشفة على رقبتك» في إشارة الى الحجاب الذي ترتديه، وتحوّلت عبود من المسيحية إلى الإسلام والتزمت بارتداء الحجاب، ويضيف منشور آخر «لقد حان الوقت لممارسة الرماية» عليها.
 
وكتب أحد مستخدمي «تويتر»، الذي تم حذف حسابه لاحقاً، مشيراً إلى طاهرة أمة الودود، المرشحة الديمقراطية السابقة للكونغرس بغرب ولاية ماساتشوستس: «يجب ألا نسمح أبداً لأي مسلم بالمشاركة في حكومتنا أو سياستنا هنا في أميركا».
 
وتم فحص أكثر من 80 ألف تغريدة مرتبطة بإلهان عمر في الأسابيع الستة التي سبقت الانتخابات، حيث تتحدث هذه التغريدات بصورة ملتوية عن حجابها. «لا يجب أن يترشح أي شخص يرتدي الحجاب لمنصب في أميركا لأن القرآن ودستورنا غير متوافقين بأي شكل من الأشكال»، وفي «تويتر» المتعلق بها غرّد أحد المستخدمين «لا مكان لها هنا في هذه البلاد»، ويوافقه مستخدم آخر «ولا يجب أن ترتبط بأي شيء هنا». وعقب ثالث «ولا حتى التنفس».
 
وعلى النقيض من هذا الهجوم على موقع «تويتر»، قال أكثر من نصف المرشحين إنهم نادراً ما واجهوا أشخاصاً منزعجين من فكرة أن يمثلهم مسلم، ولكن كان هناك الكثير من الاستثناءات. وعلى العموم خرج المرشحون عموماً من الانتخابات - سواء الفائزون أم الخاسرون- بإحساس إيجابي بشأن نظرة زملائهم الأميركيين إلى مشاركة المسلمين في السياسة الأميركية، وذكر ما يقرب من 75% إنهم نادراً ما واجهوا أشخاصاً يعتقدون أن الإسلام خطير أو شرير أو دين كراهية، ونحو ثلثيهم ذكروا أنهم نادراً ما واجهوا أشخاصاً يعتقدون أن الإسلام يدعم الإرهاب أو يعارض أميركا. كما كتبت عبود خلال حملتها الانتخابية «في حين أن مرشحاً مثلي يرتدي حجاباً، ويتحدث بسرعة مع لكنة أركانساسية قد يتفاجأ به ناخبو أريزونا، فقد استقبلني الجميع تقريباً بحرارة وتحدثوا إليّ بجدية».
 
«الشريعة الزاحفة» هي عبارة عن شعار يستخدمه نشطاء مناهضون للمسلمين يزعمون أن المسلمين يسعون إلى فرض الشريعة الإسلامية في الولايات المتحدة، ومع ذلك، قال أقل من 20% من المرشحين إنهم يعتقدون أن لديهم ناخبين يخشون «استيلاء» أو «أسلمة» البلاد من قبل المسلمين.
 
النظرة الجماعية للمرشحين إلى وسائل الإعلام ليست إيجابية، إذ اتفق 95% من المستجيبين على أن «وسائل الإعلام تنشر الخوف»، وقال ثلثاهم إن وسائل الإعلام تصف الإسلام على أنه «مهدد للثقافة الأميركية» وأن المسلمين «أشخاص خطرون»، وقد تعززت هذه الآراء من خلال دراسة حديثة كشفت أن وسائل الإعلام الأميركية قامت بتغطية ضعف أعمال العنف التي يرتكبها المسلمون مقارنة بالتغطية التي تقدمها لأعمال عنف قام بها غير المسلمين. وذكر المرشحون أن للدين تأثيراً في حملاتهم أكثر من العرق أو العنصرية أو قضايا السياسة، لكنهم أشاروا إلى أن ذلك يرجع الى أن التغطية الانتخابية «غير عادلة» وركّزت على أديانهم بدلاً من التركيز على القضايا.
 
ويمثل المسلمون الذين خاضوا الانتخابات في عام 2018 عينة من الأمة، على الرغم من أن الأغلبية العظمى منهم من أعضاء الحزب الديمقراطي، وتضم المجموعة ستة جمهوريين، من بينهم مدعٍ عسكري أميركي سابق في أفغانستان. ومن بين المرشحين البالغ عددهم 166 مرشحاً، فإن نصفهم مهاجرون وثلثهم الآخر أبناء مهاجرين. وكان بعضهم أيضاً لاجئين. وقصة إلهان عمر المولودة في الصومال والتي ترعرعت في مخيم للاجئين في كينيا معروفة جيداً، لكن هناك قصصاً أخرى لها خلفية مماثلة، مثل صفية وزير البالغة من العمر 27 عاماً، وهي ممثلة جديدة لولاية نيو هامبشاير قضت عقداً في أذربيجان، بعد أن فرت عائلتها من «طالبان» في أفغانستان.
 
ومن الناحية العرقية كان 23 من المرشحين من أصول باكستانية، وهم أكبر مجموعة في هذا الخصوص، ولكن تضمنت المجموعة أيضاً 13 من الأميركيين من أصول إفريقية، واثنين من المعتنقين للإسلام من البيض، وفي بعض الأحيان، تصبح الحزازات بين أشخاص كانوا ينتمون الى بلد آخر عاملاً في الحملة، فقد اكتشفت نينا أحمد، التي سعت للحصول على ترشيح الديمقراطيين لمنصب حاكم ولاية بنسلفانيا، أن المسلمين في الولاية يتهمونها بأنها معادية للمسلمين بسبب انتقاداتها لدور باكستان في حرب 1971 بمسقط رأسها بنغلاديش. تقول «كنت أتساءل أين التضامن الإسلامي هنا؟».
 
مثل هذه القصص، جنباً إلى جنب مع تنوّع المرشحين المسلمين الأميركيين في الانتخابات النصفية، تكذب فكرة وجود شيء اسمه «الإسلام» الذي «يكرهنا»، فهناك مسلم أميركي يدير حملة انتخابات رئاسية كبرى لمرشح رئاسي وهو بيرني ساندرز، إلا أن ادعاءات بيرو على «فوكس نيوز» والتجارب التي مر بها المرشحون المسلمون خلال الانتخابات النصفية، تشير إلى أنه على الرغم من أن «الإسلامو فوبيا» ليست هي القصة الوحيدة، إلا أنها تظل قضية خفية وسامة للسياسة والمجتمع الأميركيين.
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة