أيها الآباء .. امنحوا أبناءكم وقتا - كمال عبد المنعم محمد خليل

إن قدر الأب أن يعمل وينفق على أبنائه ، لكن مع ذلك يراقب ويسأل عن أحوالهم ، وعن مشكلاتهم ، يتعرف على أصحاب أبنائه ، ومجالسهم ، فيوجه ويقوم ويحاسب
 
 
إن مسئولية الأب جسيمة وعظيمة فى آن واحد ، حيث إن كثيرا من التكليفات ملقاة على عاتقه ، فهو القيم على شئون الأسرة إنفاقا وتربية ورعاية ورقابة للوصول بأفراد أسرته إلى ما يأمل إليه كل والد وكل رب أسرة ، والاهتمام بالأبناء يهدف بالدرجة الأولى إلى إصلاحهم وحسن تربيتهم ، والوصول بهم إلى النجاة من عذاب الله تعالى يوم القيامة ، قال الله تعالى : " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} " { التحريم : 6 } ، كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم عظم هذه المسئولية ، روى [ البخارى ومسلم] فى صحيحيهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ » " ، وينبغى على الوالد أن ينظم أوقات حياته ومصالحه ، ويخصص لبيته وأبنائه القدر الكافى من الوقت الذى يسمح له بالتعرف عن قرب على أحوال بيته وأبنائه ، والتسديد والتقارب والوسطية مطلوبة ، فلا يطغى جانب على الآخر ، ولأن الأم لا تستطيع القيام بأعباء تربية الأبناء وحدها بالإضافة إلى أمور البيت وتكاليف عملها إن كانت من العاملات ، كان لابد من التنسيق بينهما لتوزيع المسئوليات تجاه الأبناء ، فالأبناء هم الهدف الرئيس الذى من أجله يسعى الوالدان ، إلا أن ظروف الحياة وإنشغال الآباء بالكسب دون التربية ، وقلة الأوقات التى تجمع الأب بأبنائه والجلوس معهم والتعرف على احتياجاتهم ، ومشكلات حياتهم التى قد تعتريهم ، خلق فجوة وفراغا بين الأب وأبنائه ، فمن الآباء من لايجلس مع أبنائه مطلقا بحجة عدم فراغه ، فلا يعود من عمله إلا وهم نائمون ، وقد يعود من عمله فلا يجد أبناءه الشباب فى البيت ، فلا يكلف نفسه بالسؤال عن مكان تواجدهم ، أو مع من خرجوا ، ثم بعد ذلك يفاجأ بما لا تحمد عقباه ، فالأخبار تأتيه غير سارة بأن أبناءه قد انحرفوا ، وارتكبوا جرائم ، وسلكوا طريق الهلاك والضياع ، وذكرت بعض الصحف المعنية بأخبار الجريمة تحليلا ودراسة أن معظم آباء المتهمين فى جرائم السرقة والمخدرات والجرائم المخلة بالآداب لم يعلموا عن أبنائهم ممارستهم الإجرام إلا بعد الوقوع فيه ، والقبض عليهم ، فقد اعترف أحدهم بأنه قد يمر الشهر دون أن يجلس مع أبيه مرة حتى ولو على طعام ، فالأب منهمك غارق فى عمله ومشكلاته ، والأم لاتستطيع السيطرة وحدها على الأبناء خاصة عندما يكبرون ويصلون إلى سن الشباب ، وهذه هى النتيجة ، ضياع وانحراف وسوء أخلاق وجريمة وبالتأكيد يصاحب كل هذا عقوق الوالدين ... وماذا بعد ؟؟1
 
ونتساءل ، هل هذه هى الثمرة التى ينتظرها الوالدان ؟؟ ، هل يفنى الوالدان عمرهما عملا وكسبا للأموال من أجل رؤية أبناء كهؤلاء ؟؟ ، بالتأكيد كلا .
 
إن قدر الأب أن يعمل وينفق على أبنائه ، لكن مع ذلك يراقب ويسأل عن أحوالهم ، وعن مشكلاتهم ، يتعرف على أصحاب أبنائه ، ومجالسهم ، فيوجه ويقوم ويحاسب ، فيثيب ويعاقب ، ويرغب ويرهب ، ولا يتحقق ذلك إلا بمنحهم الوقت المناسب ليكونوا ثمرة مرجوة ، ويكونوا صالحين نافعين لأنفسهم ولأوطانهم ، وليكونوا بارين بوالديهم فى الحياة بحسن المعاملة ، وفى الممات بالدعاء قائلين كل فى دعائه :" { رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} " { الإسراء : 24 } ، فالحذر الحذر من الغفلة عن الأبناء ، أو إهمالهم إلى حد النسيان .
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة