مسلمون يتحولون إلى المسيحية والسبب داعش

السوسنة  - أربع سنوات قد مرّت منذ أُخرج مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" من كوباني، المدينة الاستراتيجية على الحدود السورية التركية، لكن عنف مقاتلي التنظيم وتفسيرهم للإسلام، أجبرا كثيرين على التشكيك في إيمانهم.

 
في الوقت الحالي، ثمة كنيسة في المدينة، وهي دار العبادة المسيحية المحلية الأولى منذ عقود، تجتذب العديد من الأشخاص ممن يريدون التحول إلى المسيحية.
 
 
"ربهم ليس ربي"
فرهاد جاسم، 23 عاما، يواظب على الحضور إلى كنيسة "الإخوة"، يقول لإن بي سي: "إذا كان داعش يمثل الإسلام، فلا أريد أن أكون مسلما بعد اليوم"، ويضيف: "ربهم ليس ربي".
 
ولطالما كان التحول الديني في سوريا أمرا نادرا، بل يعتبر محرما، إذ لطالما عانى من يتحولون عن دينهم من نبذ عائلاتهم ومجتمعاتهم لهم.
 
أما عمر، 38 عاما، والذي يعمل موظفا إداريا في الكنيسة البروتستانتية، فيقول: "حتى في ظل النظام السوري قبل الثورة، كان التحول من الإسلام إلى المسيحية أو العكس ممنوعا بشدة". (طلب عمر إخفاء اسم عائلته لأسباب أمنية. ورفض قس الكنيسة إجراء مقابلة).
 
ويضيف عمر: "تغيير ديننا خلال فترة حكم تنظيم داعش لم يكن أمرا متخيلا حتى، إذ قد يقتلك التنظيم مباشرة".
 
إن بي سي
عمر يقرأ من الإنجيل داخل الكنيسةإن بي سي
وفيما لا يزال الناس يحاولون التعامل مع الندوب العاطفية التي خلفتها وحشية داعش، يقول عمر إن كثيرين في كوباني منفتحون على الديانة المسيحية.
 
وبهذا الصدد يقول: "غالبية الإخوة هنا ممن تحولوا إلى المسيحية أو ممن بأتون إلى الكنيسة، يفعلون ذلك نتيجة لما قام به تنظيم داعش لهم ولعائلاتهم".
 
ويردف قائلا: "لا يُجبَر أحد على التحول عن دينه؛ سلاحنا هو الصلاة ونشر روح المحبة والأخوة والتسامح".
 
"اختطاف الدين"
ولطالما تحدّث زعماء مسلمون حول العالم ضد العقائد والممارسات المتطرفة، ويتهمون مقاتلي تنظيم داعش باختطاف دينهم.
 
وعام 2014، كتب 100 عالم دين مسلم رسالة مفتوحة إلى زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، قالوا فيها إن داعش "أساء تفسير الإسلام على أنه دين قسوة ووحشية وتعذيب وقتل".
 
ويمثل المسيحيون حوالي 4.6 في المئة من عدد سكان سوريا، بحسب تقرير لـ"إيد تو ذي تشيرش إن نيد"، وهي مؤسسة بابوية في الكنيسة المسيحية ومقرها بريطانيا.
 
ويقدّر تقرير المؤسسة هروب 700 ألف مسيحي من سوريا منذ اندلاع الحرب عام 2011، في ظل هروب جماعي خفّض نسبة سكان البلاد إلى النصف تقريبا.
 
"الدين الذي أبحث عنه"
جاسم، الذي يعمل ميكانيكيا، اعتنق المسيحية أواخر العام الماضي، ويقول إنه سجن من قبل داعش لمدة ستة أشهر، في أوائل عام 2016، وتعرض للتعذيب وأُجبر على قراءة القرآن، بعد أن اكتشف مسلحو التنظيم أنه لا يعرف تعاليم الإسلام الأساسية.
 
ويرى جاسم أن ما حدث معه هو نتاج لما شهده بعينيه، حيث أدى به ذلك إلى التشكيك بإيمانه. ولدى سماعه بوجود كنيسة "الإخوة"، والتي اُفتتحت خلال أيلول/سبتمبر الماضي، قرر جاسم زيارتها.
 
وحول هذا الأمر يقول: "لم يتطلب الأمر مني وقتا طويلا من أجل اكتشاف أن المسيحية هي الدين التي كنت بصدد البحث عنه".
 
بالمقابل، فإن هجران جاسم لدينه سيعني أن علاقته بوالديه وأفراد عائلته قد انتهت.
 
مقاوما دموعه، يقول جاسم إنه يأمل، يوما ما، ليس فقط أن يغفر له محبوه إيجاده لدين جديد، بل التفكير في التحول له أيضا.
 
"أختار الجحيم"
كما هي حال جاسم، تحول فراس، 47 عاما، من الإسلام إلى المسيحية قبل حوالي ستة أشهر، بعد أن شاهد فظائع تنظيم داعش.
 
وحول ذلك يقول فراس: "كان مقاتلو تنظيم داعش يثيرون الرعب في قلوب الناس، ثم يتوجهون إلى المسجد من أجل الصلاة لله".
 
ويضيف فراس، الذي طلب إخفاء هويته لأسباب أمنية: "وبعد انتهائهم من الصلاة، سيغادرون المسجد لبث الرعب في قلوب الناس مرة أخرى".
 
وعلى مدى عامين، عاش فراس وزوجته وبناتهما الثلاث، في ريف مدينة دير الزور، شرق البلاد. وكانت الحياة في ظل حكم تنظيم داعش، بحسب ما يقول، تعني الترهيب ومعانقة أي أحد يعارض معتقداته.
 
ويتذكر فراس رؤيته لأشخاص وضعهم عناصر التنظيم داخل أقفاص في الشوارع والساحات العامة، خلال فترة الظهيرة في شهر رمضان، بتهم الأكل أو الشرب.
 
 
ويضيف: "شاهدت رجالا ومراهقين يُجلدون في الشوارع لأنهم كانوا يدخنون، كما شاهدت أجساد شباب تُلقى من أعالي المباني لأنهم مثليون جنسيا". ويردف: "كان هذا إسلامهم".
 
كما يقول فراس إنه لم يرتد ضد إيمانه القديم، وإن جميع أقاربه لا يزالون مسلمين محافظين، لكن الوحشية التي شهدها خلال فترة التنظيم كانت أكثر من أن يتحملها.
 
ويختتم حديثه بالقول: "إذا تم صنع الجنة لتنظيم داعش وإيمانه، فسأختار الجحيم لنفسي بدلا من أن أكون معهم مرة أخرى في نفس المكان".
 




آخر إضافات الموقع

الأكثر مشاهدة