كرهت زوجي لفظاظته معي ومع أولادي

السوسنة -  السؤال: سيدة في الأربعين مِن عمرها، لا تحب زوجها لسوء خلقه، وعصبيَّته وجفائه، وضربه المبرح للأطفال، ناقشتْه كثيرًا، لكنه لا يسمع ولا يناقش، تكرهه وتريد الطلاق.

 

 تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على هذه الشبكة المتنوعةِ الرائعة، وأسأل الله أن يجزيَكم خيرًا، وأن يجعله مبارَكًا نافعًا للأمة جمعاء.

 

أنا سيدة في الأربعين من عمري، مشكلتي أُعاني منها منذ 20 سنة، فقد تزوجتُ وعمري 19 عامًا مِن رجل يكبرني بـ10 سنوات، واكتشفتُ بعد الخطوبة بأنه مُطلق، وأخبرني بأن سبب الطلاق عدم طاعة زوجته له، ولما علم والدي بطلاقِه رفَض هذا الزواج، ثم وافق بعد إلحاحه وإلحاح عائلته وقبولي؛ لأني كنتُ سألتُ عنه بعض الصالحين فشكروا فيه كثيرًا، وقالوا: إنه طيب وكريم ويخاف الله!

 

بعد الزواج اكتشفتُ غير ذلك؛ فصُدِمْتُ كثيرًا لعصبيته وجفائه وسوء ألفاظه.

 

وإذا غضب يُقاطعني أيامًا بحجة أني أحتاج إلى تربية من جديد؛ لأني أجادله وأرُد عليه، بالإضافة إلى بُخْلِه الشديد، رغم أن راتبَه قد تضاعف بعد الزواج بفضل مِن الله، ولا يرضى أن يشتريَ لي أقل الحاجيات، إلا بعد أن أُلح عليه كثيرًا، وحينئذ يلقي بالمال في وجهي!

 

الحقيقة أني منذ اليوم الأول لم يُحِبَّه قلبي، ومع معاشرته أصبحتُ أنفر منه أكثر.

 

قاومتُ نفسي، وقلت: ربما يكون هذا طبيعيًّا في بداية أيِّ زواج، ونحتاج مدةً حتى يُولدَ الحبُّ بيننا، خصوصًا أنه كان لا يتوقف عن موضوع الإنجاب، وأنَّ أصدقاءه يَلومونه بأنه لا يجب أن يعملَ ويتعب مِن أجل امرأة!

 

بعد عامين رزقتُ بطفلةٍ، فلم يفرحْ لأنه كان ينتظر ذكرًا، واستمرتْ فظاظته بعد ذلك، وصبرتُ وقلت: ربما عندما ألد الولد يتغير، ثم رزقني الله بعد ثلاث سنوات ذكرًا، ففرح في البداية ثم بعد ذلك تغيَّر للأسوأ، وأصبح يكره الأولاد ويضربهم ويسبهم على أقل سبب!

 

كان عنيفًا جدًّا مع الأولاد، فيضرب الولد على وجهه، وبالأسلاك الكهربائية، ووصل به الحال أحيانًا إلى إدخاله الحمام وإغلاق الباب عليهما وضربه بداخله بشكل فظيعٍ جدًّا، والولد يصرُخ في الحمام بجنون مِن كثرة الأَلَم!

 

حاولتُ أن أُناقشَه في أُسلوبه لعله يتغيَّر، فلم يسمحْ بالمناقشة، كلَّمْتُ أمَّه، فقالتْ: اتركيه يُرَبِّي أولادَه بطريقته!

 

لم أنجحْ في تغييره، ولم أستطعْ أن أحبَّه، بل ازداد كرهي له مع الأيام، ثم رزقني اللهُ ولدًا ثالثًا (دون رغبة مني، وأستغفر الله على ذلك)، فازداد الطين بلة، ولم يتغيرْ، وبدأتْ تظهر معاناة أولادي، رغم أني كنتُ أُحاول أن أخفيَ عن عائلتي؛ خوفًا مِن أن يُصْدَم والداي فيحصل لهما شيءٌ!

 

تربَّيْتُ في جوٍّ أُسري مليءٍ بالحب والحنان، كان هَمُّ أبي هو إسعادنا وإسعاد أمي، لم يبخلْ علينا بشيءٍ، علَّمنا في أفضل المدارس والجامعات.

 

أما زوجي فكان أبوه متسلِّطًا عليهم، ترك أمهم وتزوَّج أخرى ، فأثَّر ذلك على دراسته وترك المدرسة، واشتغل في سن مبكِّرة؛ كي يساعدَ في مصروف إخوته، رغم أنه الابن الأوسط.

 

حصلتْ مشكلات كثيرة بيننا بعد الولد الثالث، فذهبتُ لأهلي وأخبرتُه بأني أريد الطلاق، فأخذ يهدِّد ويصرُخ في وجه أمي، وأنه لن يطلقني، حكيتُ لأهلي كيف كانتْ حياتي معه ووافقوني على الطلاق، ولاموني لأني أخفيتُ ذلك عنهم كل تلك السنين!

 

تدخَّل الأهل للإصلاح بيننا مع وعدِه بالتغيير، وأن يكون أفضل مما سبق، عدتُ لبيت الزوجية على أمل التغيير، وبعد شهرين عاد كما كان.

 

ازدادتْ كراهيتي له، حتى إنني لم أَعُدْ أطيق أن يلمسني، وكنتُ سابقًا أضغط على نفسي في الجماع، ولا أبدي له شيئًا، وكانتْ تَمُرُّ عليَّ تلك اللحظات وكأنها جحيم شديد، ومرات كنتُ أقضيها بالدموع وأصل إلى درجة التقيُّؤ.


أما الآن فلا أستطيع تحمُّله، ولا أعرف السبب: هل هو تراكم السنين؟ أو سوء خلقه؟ أو عدم تقبلي لخلقتِه وكراهتي لرائحته؟ رغم أني حاولتُ مرارًا أن أقنعه بأن النظافة وحسن المنظر سببٌ لجلب المحبة!

 

أحتاج إلى نصيحتكم: كيف يمكن أن أحبه؟ وكيف يمكن أن أجعله يحبني ويحب أبناءه بحنان؟


الجواب

 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

عزيزتي، نشكر لك ثقتك في شبكتنا، ونتمنى أن تجدي لدينا ما يُعينك على حل مشكلتك، كما أُحَيِّيك على تحمُّلك وصبرك طوال هذه السنين ومحاولاتك لإنقاذ زواجك وإصلاح زوجك.


أرى أنك بذلتِ ما في وُسْعِك، وأعطيتِه أكثر مِن فرصةٍ ليُغَيِّرَ نفسه، ولكنه يعود لطبيعته، أو لا يبذُل أي جهدٍ لإصلاح نفسه، ولم يعد الموضوعُ يتعلَّق بك وحدك، بل أصبح تأثيره سيئاً جدًّا على نفسية أبنائك، واستمرارُك في الحياة معه قد يُوَلِّد مشاكل وعقدًا نفسية لديهم، ولعلك تقترحين عليه أن تذهبَا إلى مستشارٍ أسريٍّ فقد يُغَيِّر مِن نفسه ويتفادى أخطاءه، وإلا فالطلاقُ لم يشرعْ إلا لاستحالة الحياة بين الزوجين، ولعل الانفصال يكون أفضل لك ولأبنائك من الحياة مع أبٍ قد يُدَمِّر شخصياتهم، ويؤثِّر على نموهم بشكل سويٍّ.


أسأل الله العليَّ العظيمَ أن يجعلَ لك مِن كل هَمٍّ فرَجًا، ومِن كل ضيق مخرجًا، وأن يُوَفِّقك لما يحب ويرضى